من الصعب جداً أن أبوح بتجربتي وأحدثكم عنها
من الصعب جداً أن أبوح بتجربتي وأحدثكم عنها ،
كانت تجربة مريرة قاسية ..
إنه زلزال ، زلزل كياني شهوراً ، كنت أهرع لأي نصيحة أو مقالة من شخص أو موقع توضح لي ما أنا فيه ،
تضعني على بداية طريق الأمل ، تعطيني مسما لذلك الشعور الذي أمر به
أهو نفسيٌ أم عضويٌ ؟
أم هو مس أم سحر ؟
سأخرج من هذا الكابوس أم لا ؟
إليكم قصتي :
طالب أدرس في جامعة في بلاد الغربة ، بعد يوم حافل كالعادة بالمحاضرات وزحمة الطرقات
وصلت أخيرا الى المنزل منهكاً جائعاً وفي داخلي إحساس غريب بالخوف الشديد وعدم الارتياح ، وقفت أحضر عشاءً خفيفاً ، وإذ بالغرفة تدور حولي سريعاً ، جلست ، شعرت معها بضعف مفاجئ في عضلات جسدي ، وتنميلٍ ورجفةٍ في أطرافي ، ضاق صدري واشتد فيه الألم وبدأ قلبي يخفق بشدة ، حتى شعرت باختناق شديد وكأن رقبتي عالقة بعنق زجاجة فلم أستطع أخذ انفاسي ، وقع في نفسي أن الموت المحقق قد أتى، نعم إنه الموت لا محالة ..
ماذا أفعل وأنا وحدي في هذه الغربة ؟
كانتا أصعب خطوتين أخطوهما في حياتي لأصل لهاتفي
استطعت بصعوبة بالغة أن أصل لصديق لي أخبرته أني أموت !!!
كانت أصعب اللحظات في حياتي ، نعم ، لقد خضتُ معارك ضاريةً مع جسدي وكأنها ساعات ..
فلم تعد تحزنني غربتي عن بلدي .. ها أنا أشعر بغربة عن نفسي وعمن حولي ..
من أنا ولماذا أنا هنا .. وما هذا المنزل الغريب !؟
دخل صديقي من باب المنزل وجد جثة هامدة على الأريكة لا تقوى على الحراك ، تتصبب عرقاً ، تلهثُ بشدة ..
لا تقوى على التحدث ولا بكلمة ، سألني مندهشاً مذعوراً : ماذا حصل ؟
قلت له بيأس وبلادة : قل ما الذي لم يحصل؟!!
ما أصعب الموت !!
ترى هذا موت أم اختلاج عقل ؟؟
لقد فقدت السيطرة على جسدي بالكامل !!
لا
إنها أزمة قلبية شديدة لا محالة !!
نعم ، لقد نجوت منها الآن لكن لن انجو منها غداً ..
أخذني صديقي لأقرب مركز طبي لنجري الفحوصات والصور الكاملة
جاءت سليمة خلاف التوقعات ..
قلقتُ أكثر وأكثر ..
أصبحت الأفكار تأخذني هنا وهناك
ترى متى ستأتي تلك الأزمة اللعينة مرة أخرى ؟ وأين ؟
في الجامعة أم في الطريق ؟
———————————————————
مرت الأيام وأنا خائف أترقب جسدي ..
أصبحت أقضي وقت فراغي بخوفٍ دائم ، وبحث عن مسمى لمشكلتي وحل لها ..
لم أجد لها سوى تفسير واحد ( أزمة قلبية ) ،
نعم فذلك الطبيب لم يخبرني الحقيقة ،
ذهبت لأطباءٍ كثرٍ ،
حتى نصحني أحدهم بزيارة طبيبٍ نفسيٍ ،
ضحكتُ مستهزءً وقلت له: وهل أجدُ علاجاً لمرضي عنده ؟!
لكن لا أخفيكم فقد ظل كلامه عالقاً في ذهني شهوراً الى أن استسلمت ..
فمن المؤسف أن أخبركم أن تلك الأزمة أصبحت ملازمة لي كل يوم ،
لم أعد أجرؤ على الخروج من المنزل ،
فأنا حبيسٌ لها أو حبيسٌ لترقبها ،
أنتظر الموت ، لأن مرضي لا نهاية له سوى الموت ،
فقد كان أهم ما أخبرني به الطبيب النفسي أن هذه الأعراض هي أعراض اضطراب الهلع ،
يأتي على شكل نوبات من الخوف الشديد المترافق مع أعراضٍ جسديةٍ مؤلمةٍ جداً ..
وترقب شديد ودائم لها ،
وتعطل للحياة بسببها ،
وأغرب ما ذكره أن نوبات الهلع خذخ ليست مميتة ولا قاتلة !!
رغم ألمها وعذابها فهي حقا زلزال النفس ..
وأنها شائعة تحدث بنسبة تتراوح مابين الــ 10 إلى 15% من الناس ،
ليس لها سبب واحد ،
بل أسباب عديدة لا حصر لها ،
فنحن البشر ، أفعالنا ومشاعرنا وحتى أجسادنا تتأثر بأفكارنا ،
فقد تكون أفكارنا على شكل مخاوف متعددة ،
مثل الخوف من المرض والفقر والفشل والسفر والحاضر والمستقبل وكل ما هو جديد ،
وما زرع أيضا في طفولتنا من مخاوف وأفكار لها الأثر الأكبر ،
أخبرني أنه بعد حدوث النوبة لأول مرة أصبح لدي ترقب شديد دائم لأي تغير بسيط طبيعي في جسدي ، لهذا أعيره الانتباه الكامل ،
وأستجيب له بخوف شديد بسبب التجربة الأولى معها ،
لقد كان من الصادم بعد كل هذه المعاناة والانتقال بين الأطباء بحثا عن الحل !! أن أكتشف أنه اضطراب نفسي ،
وأنه من الممكن خروجي من ضيق هذه الدوامة الخانقة ♥،
بعد عدة جلسات مع الطبيب
عدت إلى الحياة وعادت الحياة لي ♥ ،
بدأت النوبات تقل بالتدريج حتى اختفت ، وأصبح للحياة طعمٌ جديدٌ مختلف ♥
#قصص_وتجارب_من_وحي_العيادة_النفسية
تم كتابة هذه المقالة بواسطة : الاخصائية رنيم المالح